الأدب الإسلامي

 

جهود الجامعة الإسلامية دارالعلوم / ديوبند

في مكافحة القاديانية

 

 

بقلم : التحرير

  

 

  

 

 

الأمكنة الأكثر تضرّرًا من القاديانية

        في الهند تتركّز جهودُ القاديانيين في المناطق التي يعمُّها الجهلُ بالدين والأميّةُ والفقرُ، وتنأى عن مراكز الإشعاع الإسلاميّ ، أمثالُ : كيرالا وراجستهان والبنجاب الهنديّة وبيهار وآسام والمناطق المتخلفة من ولاية يوبي والمناطق الجبلية من أُتراكهند وبعض المناطق النائية من ولاية آندهرابراديش .

مجمل أساليب العمل لدى القاديانيين

        ويتسلّلون إلى المناطق التي يُشَكِّلُ فيها المسلمون أقليّةً مُتَوَاضِعةً ، مُتَنَكِّرين بأنّهم مسلمون ؛ فيُعَيِّنون فيها أئمةً منهم في المساجد ومُعَلِّمين في الكتاتيب، ثم يَتَصَيَّدُون المسلمين من خلالهم بعد ما يُمَهِّدُون الأرضيّةَ، ويَعْمَلُون في ذلك بالمرحليّة والتدريج وبغاية من السرِّيَّة، ويعتمدون كذلك زرعَ سوء الظنّ في قلوب جمهور المسلمين تجاهَ علمائهم ؛ حتى يبتعدوا عنهم ؛ فيَسْهُلَ اصطيادُهم؛ لأنّهم في حال تواصلهم مع العلماء يَصْعُبُ كسبُهم ؛ حيث إنّ العلماءَ سيَدُلُّونَهم على أصل دينهم، إذا سألوهم عما يختلج في قلوبهم، إذا وجدوا شيئًا لايَتَّفِق وديانتَهم وأسلوبَ حياة علمائهم .

        وإلى جانب ذلك يُحَاكُونَ – القاديانيون – أسلوبَ الإرساليّات التبشيريّة المسيحيّة للاحتكاك بعامّة الشعب والاتّصال المُبَاشِر القويّ بهم ؛ فيقومون بتنفيذ بعض الأعمال الخيريّة، من تقديم الدعم إلى المُعْدِمِين والفقراء، والتعاون مع الطبقة الكادحة ، بإيجاد بعض سبل المعاش واصطناع وسائل كسب لقمة العيش ؛ ومن إقامة مستشفيات ومدارس وكلّيّات وكتاتيب ونصب مِضَخَّات الماء في الأمكنة التي تحتاج إليها ؛ ومن رصد مِنَحٍ دراسيَّةٍ لطلاب الدراسات العليا العصريّة وتسهيل طرق تلقيّها لهم ، ثم كسبهم لصالح ديانتهم عن طريق بعض المساكن الطلابية المُزَّوَّدَة بجميع التسهلات الحديثة التي يُجْرُوْنَ فيها غسيلَ أدمغتهم من خلال خبرائهم المُدَرَّبـِين لهذا الغرض خصِّـيصًا ، الذين يعملون بأسلوب مُتْقَن سِرِّيٍّ مَبْنِيٍّ على التدريج وسياسة الخَطْوِ خَطْوةً خَطْوةً.

        وعن طريق الأعمال الخيريّة يتَّصِلون بالشعب اتّصالاً قويًّا مُبَاشِرًا، ويستثمرونه – الاتّصالَ – لكسبهم بعدما يكونون قد آمنوا بإحسانهم إليهم ، وبكونهم طَيِّبين عاملين في مجال الخدمة الإنسانيّة العامَّة بمجرد عاطفة الإنسانية وروح فعل الخير لأبناء البشر مُجَرَّدين – كما يتظاهرون – من أيّ غرض من الأغراض الدنيويّة. وعندما يكسبون قلوبَهم جيِّدًا يعرضونَ أنفسهم عليهم بأنهم «مسلمون أحمديون». ويَتَحَرَّجُون من التظاهر بأنهم «قاديانيون»؛ لأن هذه التسمية افتضحت واشتهرت حتى في المسلمين الأُمِّيِّين أيضًا بأنهم مُرْتَدُّوْنَ مارقون من الإسلام وأنهم غير مسلمين . ويَتَدرَّجُون في زرع أباطيل وخرافاتِ ديانتهم بأنّها تعاليمُ إسلاميَّةٌ لاتختلف عن عامَّة التعاليم الإسلامية إلاَّ اختلافًا فرعيًّا مثلَما يُوْجَدُ في المذاهب الفقهية ، ثم يَتَدَرَّجُونَ في تعزيز الإيمان بديانتهم وبـ«نبوة» الميرزا غلام أحمد القادياني وبجميع مزاعمه وتضليلاته .

        وفي بعض المناطق وَرَّطُوا في حبالتِهم بعضَ المُثَقَّفِين بالثقافة العصريّة من الشباب المسلمين الحائزين على الشهادات العالية في كل من الهندسة والطب وعلم الحاسوب وتكنولوجيا المعلومات وما إلى ذلك ؛ حيث وَفَّروا لهم الوظائفَ في بلاد أوربّا وإفريقيا ولاسيّما بمدينة «لندن» و«شيكاغو» و«واشنطن» وغيرها. وذلك بغاية من الدقة والإتقان ؛ حيث إن الشباب المصطادين لم يَتَفَطَّنُوا لمصيرهم الشقيّ إلاَّ بعد حين غير قصير عندما نَشَبَتِ القاديانيةُ أظفارَها في عقولهم ثم في قلوبهم .

        واتِّباعًا لأسلوب العمل والاستراتيجية المُتَّبَعَيْنِ لدى الإرساليّات التبشيريّة يصطادون الشباب الغضَّ الإهاب بترغيبهم في ممارسة العلاقات الجنسية مع فَتَيَات حَسْنَاوَات مُدَرَّبَات على إمالة الفِتْيَان وتوريطهم في حبالتهن بأساليب الإغراء الماكرة التي لاينجو من الاستجابة لها من الشباب إلاّ من شاءَ الله .

تعاون ثالوث الصهيونية والمسيحية والوثنية مع القاديانية

        بما أَن الديانات الباطلة المعروفة في العالم تتعاون مع القاديانية عن طواعية ورضًا ؛ فإن القاديانية تنال منها كلَّ نوع من الدعم الماديّ والمعنوي . وعلى رأس هذه الديانات المسيحيةُ واليهوديةُ والوثنيةُ اللاتي قد يَتَبَنَّيْن كثيرًا من مشاريعها في أقطار العالم، ولا سيّما في بريطانيا وأمريكا وإسرائيل والهند التي تعاونت معها بشكل مُكَثَّف ولاسيِّما بعد ما اعْتُبِرَتْ كافرةً حتى من على منبر رابطة العالم الإسلاميّ بمكة المكرمة عام 1974م . وذلك على الصعيدين الشعبيّ والحكوميّ معًا . والصعيدُ الشعبيُّ يَتَمثَّل واضحًا في المنظمات الهندوسيّة المُتَطَرِّفة وعلى رأسها مُنَظَّمةُ «آر إيس إيس» و أسرتُها الواسعة. والحكومةُ الهنديةُ المُدَارَةُ عَمَلِيًّا بالهندوس المُتَطَرِّفِين الذين تَسَلَّلُوا إلى مُعْظَم الإدارات الحكوميَّة بعددٍ ملموس تُوَفِّر لها تسهيلاتٍ كبيرةً وتقف بجانبها ، ولاسيَّما عندما تحتاج إلى ذلك للتغلُّب على المسلمين أو لفتح مَقَارَّ ومراكزَ في الأمكنة ذات الأهميّة البالغة .

        أمّا المسيحيّةُ واليهوديةُ فهما لاتكتفيانِ بتقديم الدعم المعنويّ من تدريب رجال القاديانيّة، وتسهيل سبل انتشارها، وإزالة العوائق الحائلة في طريقها نحو فتح المكاتب والمراكز في بلادها، وتعليم القاديانيين جميعَ أساليب نشر الحبالة لصيد كلّ نوع من الناس والتسُّرب إلى عقولهم ؛ بل تُقَدِّمَانِ لها – القاديانية – دعمًا ماديًّا سخيًّا يُشَكِّل العمودَ الفقريّ في التمويل الذي يدفع عجلتَها إلى الأمام ، ويُمَهِّدُ لها السبيلَ الفقريّ في التمويل الذي يدفع عجلتَها إلى الأمام، ويُمَهِّدُ لها السبيلَ للانتشار وبعض الصمود في وجه الإسلام في كثير من أمكنة العالَم.

جهود جامعة ديوبند في مكافحة القاديانية

        وللتصدّي للقاديانية ومكافحتها بذلت الجامعةُ الإسلاميَّةُ دارالعلوم / ديوبند جهودًا جبَّارةً ولاسيّما منذ السنوات الأخيرة التي انتظمت خلالها مساعيها في هذا الصدد وتَكَثَّفَتْ واتَّصَلَتْ ؛ حيث عقدت في رحابها مؤتمرًا مُوَسَّعًا تحت عنوان «مؤتمر صيانة ختم النبوّة» في 29-31/ أكتوبر 1986م شارك فيه الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة الأسبق معالي الدكتور عبــد الله عمر نصيب / حفظه الله الذي حَبَّذَ مَساعِيَ دارالعلوم / ديوبند ومشايخها منذ وقت مُبَكِّر جدًّا تجاه مكافحة القاديانية عبر التأليفات والخطابات والمناظرات والاجتماعات ، كما أثنى عليها لعقدها لهذا المؤتمر العالمي الكبير باسم «صيانة ختم النبوّة» .

        تَمَخَّضَ المؤتمرُ عن إقامة «مجلس صيانة ختم النبوة لعموم الهند» الذي كان مَقَرَّهَا الدائمَ دارُالعلوم / ديوبند. والمجلسُ عَمِلَ ولازال – ولله الحمدُ والمنة – بفعَّاليّة مشكورة ؛ حيث أَنْشَأَ أوّلاً في الجامعة قسمًا مستقلاً دائمًا باسم «قسم صيانة ختم النبوة». والقسمُ أَنْشَأَ مكبتةً غنيةً بالكتب اللازمة في الموضوع ، ويلتحق به كلَّ عام أربعةٌ من خريجي الجامعة المُؤَهَّلين ، يدرسون المنهجَ الدراسيَّ الوافيَ الذي أعدّته الجامعة لتخريجهم أكفاءً في مكافحة القاديانية والتصدّي لها بأساليب مُتَنَوِّعة وتفكيك حبائلها التي تنشرها لصيد المسلمين .

        إلى جانب ذلك أَعَدَّ القسمُ منهجًا لمدة ثلاثة شهور لتدريب متخريجي المدارس والجامعات الإسلامية الأخرى في الهند . كما أن مجلس صيانة ختم النبوة لعموم الهند أَصْدَرَ كثيرًا من المُؤَلَّفَات والكُتَيِّبَات التي وَزَّعتها بين العامّة والخاصّة ولاسيّما في المناطق الموبوءة بالقاديانية وتحرُّكاتها . وبَلَغَ عددُها بالأردية 49 وبالهندوسية 17 وبالإنجليزيّة 8 . كما أن المجلس رَغَّبَ المدارسَ والجامعاتِ الإسلاميةَ الأخرى في المساهمة في إصدار أمثالِها من الكتب والكتيبات بشتى اللغات المحليّة والعالميّة.

        بالإضافة إلى ذلك يقيم المجلسُ من حين لآخر مخيماتٍ في مختلف أقطار الهند لتوعية المسلمين بخطر القاديانية وأساليبها في اصطياد المسلمين وتعليمهم الخطَّ الفاصلَ العريضَ بين الإسلام والقاديانية. و قد عَقَدَ من هذه المخيمات التوعوية التدريبية 30 مخيمًا خلال سنوات 2001 و 2007م في شتى مدن وقرى الهند، إضافة إلى الحفلات العامة التي يعقدها المجلس بشكل مُوَقَّت عاجل عندما يرى الحاجةَ لذلك .

        وبفضل هذه المساعي المباركة آمن بالإسلام أكثر من 200 قاديانيّ إضافة إلى عدد آخر لابأس به ممن كانوا قد تأثـَّروا بها ووقعوا في حبالتها ، ويبلغ هذا العددُ آلافًا . والمجلس احتاج أحيانًا إلى عقد مناظرات مع دعاة القاديانية الناضجين المجربين الدُّهَاة في اصطياد المسلمين بشتى قطاعاتهم وأعمارهم وثقافاتهم . وبلغ عددُها – المناظرات – 6 تاب من أجلها عددٌ كبير من المُتَأَثـِّرِين بالقاديانية وصَحَّ إسلامُهم . وذلك لأنّه قد تَبَيَّنَ لهم حقانيةُ الإسلام وبطلانُ القاديانية وتفاهةُ الدلائل التي تستند إليها .

        واستراتيجيّةُ العمل التي يعتمد عليها علماءُ ديوبند في مكافحة القاديانية تختلف باختلاف الوضع والمكان والزمان ؛ لأنها مَرْجِعُها إلى الخبرة الميدانية ؛ فلا ينفع دائمًا أسلوبٌ واحدٌ للعمل ، وإنّما التعاملُ مع القاديانيين والمُتَأَثـِّرِين بهم يأتي نابعًا من حاجةِ الوضع .

        فالداعي الإسلامي المُتَصَدِّي للقاديانية أوّلاً يدرس الوضعَ ، ويحاول أن يَتَوَصَّلَ إلى نوعيّة الحبالة التي نَصَبَها القاديانيون ، لينجح تمامًا في نقضها . فمثلاً : إذا كانت حالةُ الترغيب ، فيرى نوعيّةَ الترغيب ماهي ؟ هل هي ترغيبٌ ماليٌّ ؛ فإن كان الترغيب ماليًّا يَتَّصِل الداعي – لمعالجة هذه الحالة – إلى الجمعيّات الخيرية التي تثق به ويثق هو بها ومبادرتها المستعجلة إلى تحقيق الحوائج الإسلاميّة العاجلة أو إلى فاعلِ خيرٍ أو إلى فَاعِلِيه من المسلمين ؛ لتُسَاهِم أو يساهموا في هداية رجلٍ أو رجالٍ وقعوا في حبالة الترغيب. مثلاً رَوَىٰ دعاةٌ ديوبنديون عَامِلُون على مكافحة القاديانية أنّهم وجدوا خلال إحدى الجولات الدعوية رجلاً مسلمًا رضي بإرسال ابنه الوحيد لتلقي الدراسة في مدرسة القاديانيين بـ«قاديان» بولاية البنجاب الهنديّة ، وعندما عرضوا عليهم أن ينتهي عن ذلك، قال: إني رجل فقير أعيش على ممارسة الخياطة وهذا ابني يتوجّه إلى «قاديان» ليتعلم مجانيًّا . قالوا له : طيبًا، إذا نَظَّمْنَا له التعليم المجانيّ ، فهل ترضى أن لاتُلِحَّ على توجّهه إلى «قاديان»؟ قال : هذا بالنسبة إلى ابني ؛ ولكن أنا كيف أعول هذه العائلةَ بهذا القدر الضئيل من الدخل؟ لأنّي الآن أتلقى منهم – القاديانيين – خمسَ مائةِ روبيةٍ شهريًّا يوصلونها إليّ ههنا في بيتي؟ قالوا: سنحاول أن نعرض هذه القضيةَ على من نثق بهم وفعلاً اتَّصَلُوا بفاعلي الخير بمدينة «كانبور» فتَحَمَّلُوا مصروفاتِ ولده التعليمية ونفقاتِه هو العائليّة ؛ فتاب إلى الإسلام توبةً نصوحًا .

        وكذلك إذا كانت حالةُ الترغيب في الفتاة ؛ فالدعاةُ يعالجونها بالتشاور مع الجهات الإسلامية ومع رجال متعاونين مع «مجلس صيانة ختم النبوة» بعدما يكونون قد تَفَاهَمُوا مع المُتَضَرِّر بالقاديانية من أجل الفتاة بأنهم سيُوَفِّرون له فتاة مسلمة أجملَ منها .

        وكذلك إذا كانت حالةُ الترغيب في التوظيف برواتب عالية ، يعالجونها بالاتّصال بمن يقدرون على توفير مثلِها أو أحسنَ منها ، بعدما يُقْنِعُونَ المنكوبين بأنّهم سيُنَظِّمون لهم وظائفَ أرفعَ راتبًا من التي يُرَغِّبُهم فيها القاديانيون أو يكونون قد عَيَّنُوها فيها .

        أمّا إذا كانت حالةُ الاقتناع – لا قَدَّر الله – بالقاديانية وبصدق خرافاتها ، فهناك يَجْرِي محاولةُ إقناع المُتْبَلَىٰ بالقاديانية ، بحقية الإسلام بشرحٍ مُبَسَّطٍ سهلٍ عذبٍ سائغٍ الاقتناعُ به .

        وهناك مساعٍ مكَثَّفَةٌ طويلةٌ يبذلها «مجلسُ صيانة ختم النبوة» التابع لجامعة دارالعلوم / ديوبند لتجنيب المسلمين مسبقًا أن لايقعوا فريسةً للقاديانية . وذلك عن طريق دعاة محنكين متجولين في المدن و عن طريق أئمة ومُؤَذِّنين في المساجد ، وأساتذة ومدرسين في المدارس، ومُعَلِّمِين في الكتاتيب ، وعلماء ووُعَّاظ ذوي حضور فاعل في مجتمعات جماهير المسلمين وخواصّهم من المُثَقَّفِين بالثقافة الغربيّة .

        كما يَتِمُّ تحريضُ المسلمين على تكثيف العمل الخيري في تجمعات المسلمين السكانية بين قرى ومدن يكثر فيها السكان الهندوس ، والمسلمون يعيشون فيها الفقرَ والتخلفَ والأميّة والجهلَ بالدين ، فيقعون فريسةً للقاديانية بسهولة .

        وقد عَلِمَ دُعاة «مجلس صيانة ختم النبوة» التابع لجامعة دارالعلوم أن القاديانيين استطاعوا اصطياد بعض متخرجي بعض المدارس والجامعات الإسلامية عن طريق كفالة ضروراتهم في الحياة : مثل نفقات زواج أخواتهم وبناتهم – وهو غالٍ في الهند – أو بناء بيوتهم التي كانوا بحاجة شديدة إليها ، أو ما إلى ذلك من الحاجات التي تستجدّ وتُلِحُّ على الإنسان ؛ فيُضْطَرُّ أن يستند لتحقيقها لأي شخص أوجهة في غير مبالاة بدينها وعقيدتها .

        في مثل هذه الحالات الحاجةُ ماسّةٌ إلى التفكير في إيجاد آليّة دائمة لتوعية جميع أطياف المسلمين حتى يكونوا على أهبة للتعامل مع الخطر القاديانيّ وغيره من الأخطار التي تُطِلُّ برأسها دائمًا من الحركات الهدَّامة والديانات الباطلة .

مرئياتي تجاه مكافحة القاديانية

        وإنيّ شخصيًّا أرى أنّ خطر القاديانية أشدُّ الأخطار التي تواجه المسلمين في شبه القارة الهندية خصوصًا وفي العالم كله عمومًا ؛ لأنّها تتظاهر في جميع شعاراتها وشاراتها بالتماثل بل الاتحاد التامّ مع شعارات وشارات الإسلام ؛ فمساجدها مثلُ مساجد المسلمين ، وأذانها وصلاتها مثل أذان وصلاة المسلمين ، وأسماء القاديانيين مثل أسماء المسلمين ، ويتظاهرون بتعليم القرآن وأحكام الإسلام في مدارسهم وكتاتيبهم ؛ فأسبابُ انخداع المسلمين بهم كثيرة قائمة ، ولاينتبه للفرق بينهم وبين المسلمين حتى المثقفون في أغلب الأحيان ؛ ومن ثم تمسّ الحاجةُ إلى أن يَتَعَاضَد الجهاتُ والمنظماتُ الإسلاميةُ المُهْتَمَّةُ بأمر الإسلام والمسلمين، لإيجاد آلية دائمة فَعَّالة لتوعية عامة المسلمين وخاصتهم بهذا الخطر المحدق بهم كلَّ وقت ، وبالفرق بينهم وبين القاديانيين في العقائد والأحكام والشعائر وما إلى ذلك.

        وأسهلُ شيء عقدُ المُخَيَّمَات التوعوية في بلاد الهند وباكستان وبنغلاديش ونيبال والبلاد المجاورة وبلاد أوربا المتضررة بالقاديانية ولاسيّما بريطانيا وبلاد إفريقيا. ولابدّ أن يأتي عقدُها بعد كل ستة شهور على الأقل .

        وبعد مسح المناطق كلّها إذا تَمَّ الاطِّلاَعُ على كون منطقة متضررة تضرُّرًا أكثر من غيرها ينبغي أن يُكَثَّف عقدُها فيها وإعمالُ حيلٍ أخرى يحتاجُ إليها التعاملُ الفعَّالُ مع خطر القاديانيّة ؛ ليكون مُثْمِرًا في مكافحتها وكسح ألغامِها بشكلٍ كاملٍ .

        والحقُّ أنّ القاديانية أخطرُ الديانات الباطلة على الإطلاق ، بالقياس إلى العوامل التي أشرتُ إليها. وأعتقد أن الجهات الإسلاميةَ العالميّةَ المسؤولةَ لاتُولِيها الاهتمامَ الذي تستحقة ، وكأنها ترى أنها ضعيفةٌ سَكَتَتْ نأمتُها بعد اعتبارها كافرةً ، ولاسيّما لأنها لاتحكم دولةً أو منطقةً مثلُ الصهيونية والمسيحية الغنيتين بالمال والرجال وجميع وسائل الحياة ومُعْطَيَات العلم والتكنولوجيا التي تحتكرها في دنيا اليوم . وقد أشرتُ أنّ القاديانيّة مُمَدَّتانِ إمدادًا كافيًا من قِبَلِهما على أنَّها تملك من أرصدة وسائل الخداع مالا تملكه الصهيونيةُ والمسيحيةُ رغم ثرائها الفاحش ، وأغلبيتها الساحقة في العالم .

(تحريرًا في الساعة 12 من ضحى يوم الأربعاء: 8/ شعبان 1428هـ = 22/8/2007م)

*  *  *

مجلة الداعي الشهرية الصادرة عن دار العلوم ديوبند ، الهند . ذوالقعدة 1428هـ = نوفمبر – ديسمبر 2007م ، العـدد : 11 ، السنـة : 31.